قصة حمار بيت جدي
بقلم: ديمة الحاج يوسف
صورة تعبيرية
جدي خليل كان لديه حمار يعيش مع دجاجاته في غرفة ضيقة مظلمة، ولكنه كان يشعر بالأمن والسعادة، كان ذاك الحمار صديق وفي، يعمل بجد في الأرض دون كلل أو ملل، وكان ينهق في الليل نادرا.
صورة تعبيرية
جدي خليل كان لديه حمار يعيش مع دجاجاته في غرفة ضيقة مظلمة، ولكنه كان يشعر بالأمن والسعادة، كان ذاك الحمار صديق وفي، يعمل بجد في الأرض دون كلل أو ملل، وكان ينهق في الليل نادرا.
وبعد مرور بضع سنوات قرر جدي خليل أن يبيع حماره، وذلك على إثر كلام عمتي المتكرر بأن عصرنا لا يتسع للحمير وأن علينا مواكبة التطور والاستغناء عنه.
لم يكن جدي ليفهم العصر والتكنولوجيا الزائفة التي تجتاحنا على بغتة ولكنه رضخ لقرارات عمتي، فباع الحمار وخلا المكان للدجاجات يسرحن في الغرفة دون أن يدركن بأن ما هي إلا برهة من الزمن وسيأتي عليهن الدور.
ولكن حمار جدي لم يكن قابلا للامتلاك أو للبيع، ذاك الحمار كان يهرب كل يوم من بيت المشتري الجديد ويهلع ويقف أمام بيت جدي ينهق بصوت عال ليعلن عن انتصاراته بالعودة علنا نرحب به، ولكن جدي وأحفاده كان يربطونه من عنقه ويعيدونه لمالكه الجديد.
لم يكن مالكه يعذبه بل كان يطعمه ولا يرهقه، ولكن ذاك الحمار كان يشعر بالغربة واستوحش المكان، فكان يهرب باستمرار وجدي يعيد الكرة بإعادته دون أن يربت على كتفيه عله يشعر بالأمان!.
حمار جدي لم يستطع تحمل الغربة فمات بعد ثلاثة شهور من بيعه ودفن تحت التراب دون أن يزوره احد، أو يثني على وفاءه، أو يحترموا أمنيته الوحيدة أن يموت عجوزا في وطنه الصغير!.
حمار جدي كان قضية مزعجة لبيت جدي حين أرادوا استبداله وشراء تلفاز ذو شاشة ملونه، حمار جدي لم يواكب عصرهم، ونحن أردنا أن ننزل عن ظهر الحصان لنركب ناقة ليست لنا، ونبتسم ونقهقه ونأكل حتى السمانة، خجلنا من الكوفية وارتدينا ياقة لا تعرف أسمائنا! ولا تتناسب مع لهجتنا!.
حمار جدي كان متمردا مشاغبا حرا، لم يستطع الانجرار وراء ثقافة القطيع، كان يريد أن يكون هو دون أن ينصهر في قوالب عالم لا تشبهه، لم يكن رجعي حمارنا بل كان مرنا عنيدا.
لا يساوم على هويته حتى وإن واكب عصر ليس له، لعدم وجود أثر يجعله يقتنع بأن له مكان في هذا العالم، الذي لم يساهم فيه بشيء بل فرض عليه، ونحن إستوردناه في قعر بيوتنا دون أن نفكر.
تعليقات
إرسال تعليق