المجلس الاعلى للشباب والرياضة ينقب عن المواهب عبر المخيمات الصيفية







اعداد: ديمة الحاج يوسف

 
مواهب تبحث عن دليل إرشادي، منها من لم يدرك يوماً مدى الطاقات التي يحملها بداخله، والفئة الأخرى تعرف مسبقاً أن لديها كماً جليلاً من المواهب ولكنهم يبحثون بإستماته عمن يصقلها، يهذبها، ليتبناها ويسلط الضوء عليها، كل تلك المواهب وجدت ضالتها في المخيمات الصيفية التي انطلقت في بداية شهر آب لمدة عشرة ايام بتنظيم المجلس الأعلى للشباب والرياضة.

ومن هذه المواهب التي تفجرت للعيان جمالاً وإبداعاً، الطفلة فرح اياد عطاطرة، 15 عاما من بلدة يعبد من "مخيم طلائع الرياديين"، استطاعت خلال اسبوعين تأليف كتاب تحت عنوان "صمت طاغي" من 68 صفحة، يحتوي على عدد من القصائد والخواطر الشعرية والنثرية بلغة عربية محكمة البنيان، بليغة اللسان، حلقت بأحلامها وتخطت بحروفها كل العثرات التي تواجه الطفولة والمواطن العربي.

فكتبت عن احلام الطفولة مستدلة بإيمان عميق ببيت الشعر لدرويش "سنكون يوما ما نريد لا الرحلة ابتدأت ولا الدرب انتهى" ولم تنسى فرح الكتابة عن المرأة، وعن فلسطين بجمالها وآلامها، واحتضنت حروفها لتكتب عن احلام الوطن العربي. وتخطط فرح بالمستقبل القريب لكتابة رواية يكون محورها الأساسي المرأة.
تقول فرح بنظرات مفعمة بالبراءة وصوت يصدح بالثقة والطموح، أنها ومنذ عمر الزهور وهي تحب الكتابة، ولكنها وجدت نفسها في مجال الكتابة قبل عام ليس أكثر، بمصادفة قلبت مجرى حياتها رأساً على عقب وساهمت بشكل كبير في صقل شخصيتها، و ذلك بطلب معلمة اللغة العربية منها التحضير لمسابقة الخطابة بالفصحى تتضمن مرحلتين : الخطابة المرتجلة والامتحان الكتابي، ومن اللافت للإعجاب حصولها على المركز الثاني على مستوى محافظة جنين.

وحققت فرح إنجاز تلو الإنجاز حيث تردف قائلة أنها دخلت أيضا "اولمبياد الشعر 2017" بتأليفها قصيدة من 250 كلمة سطرتها بصوتها الشجي الدافئ لتفوز بالمركز الرابع على مستوى محافظة جنين، بالإضافة إلى ذلك التحقت فرح بمسابقة "تحدي القراءة" وتأهلت عن محافظة جنين بقراءة 85 كتاب، وتنوه أنها تأثرت في كتاب "الإرادة" لـ يوسف إدريس، بإعتباره كتاب دفعها بشكل متواصل للتمسك بأحلامها، وتشدد على اهمية قراءة الكتب في إثراء حصيلتها اللغوية وممن تأثرت بهم وخلفوا بصمة لا تمحى في شخصيتها أبرزهم الشاعر الكبير محمود درويش، والشاعر التونسي انيس شوشان.

وتكشف فرح عن ركائز النجاح في حياتها ولمن لهم الفضل الأكبر في تميزها وهم والديها وتشكرمعلماتها ومديرتها ومديرية التربية في جنين وصديقاتها لتشجيعها ودفعها لشحذ طاقتها للوصول إلى النجاح.

وتعترف عطاطرة أن الطريق للنجاح لم يكن مفروشا بالورود لكونها واجهت عثرات ومعيقات أبزرها خوفها وترددها من الوقوف امام الجمهور وعجزها في بادئ الأمر من كسب اهتمامهم واصغائهم ولكنها تحدت نفسها واستمدت قوتها من القراءة عن السير الذاتية للعظماء وكيف تحدوا الصعاب التي وقفت في طريقهم، وتؤمن أن العمل الدؤوب الملاصق بالإرادة دفعها لتمكنها من الوقوف امام الجمهور والخطابة أمامهم.

ومن المثير للإعجاب أن فرح متفوقة في دراستها، وتستثمر اوقات فراغها بالقراءة، وتحصل على المراكز المتقدمة في مسابقات الجري والضاحية، تشدد فرح على اهمية دعم المواهب وتحفيزهم والإيمان أن كل شخص موهوب مع العمل الدؤوب والدعم سينتج إبداع لا متناهي، وأشارت فرح أنها تبحث عن ناشر يدعم ويتبنى طباعة ونشر الكتاب الذي قامت بتأليفه.

وتتمنى فرح أن تصبح محامية في المستقبل ليصل صوتها للمحافل الدولية وهي تنشد رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني الجريح  الذي يتوق للحرية.

وختمت حديثها بالتوجه بالشكر للمجلس الأعلى للشباب والرياضة لإتاحة المجال للطلائع للتعبير عن أنفسهم واكتشاف طاقاتهم عبر المخيمات الصيفية، وأشادت بجهود المنشطين وإدارة مخيم "طلائع الرياديين" لتحفيزها ولمد الجسور بينها وبين طاقم مسرح الحرية في جنين، ولتسليط الضوء على موهبتها عبر المخيم الصيفي.

*وننتقل عبر حقل المواهب وأزهاره التي وجدت في المخيمات الصيفية المياه التي تروي العطش وتجعله أكثر حياة، لتؤثر بالطلائع وتجعلهم يؤمنون أنهم طاقة جبارة تضيء بمواهبهم ظلام التلقين والأفكار النمطية.

وبصوت شجي تصدح في مخيم "طلائع الرياديين" كلا من صمود أبو بكر في تلاوة القرآن الكريم وفي الأغاني الوطنية، ترافقها زميلتها رزان عطاطرة وهي تغني للوطن بصوت رنان ذو لمسة متميزه، ترافقهم وطن ابو بكر بإلقاء محترف لقصائد الشاعر المصري هشام الجخ.

وتقول سنا عثامنه بحس مرهف، إنها تكتب الخواطر النثرية بمواضيع تتعلق بالعائلة والوطن، وترى أنها ورثت موهبتها من جدتها معلمة الأجيال الست فتحية عثامنة، التي أرشدتها إلى قراءة الكتب لتتعلم البلاغة وفن التعبير عن الكلمات المكبوته في داخلها، وترى سنا أن مخيم "حراس البيدر" في بلدة يعبد، فتح لها بوابة للوقوف أمام الآخرين وإلقاء القصائد التي تؤلفها أمامهم بدون تردد.

وظهرت ملكة الحفظ في مخيم "طلائع الغد" في بلدة يعبد لدى الطليع رضا رحان ومهارة عالية في التوثيق والكتابة عن الفلاسفة والعلماء من عرب وأغريق، عمره ثلاثة عشر عاما ولكن حين تراه تظن أنه يراوغ، لرزانه حديثه ورقي افكاره.



 وعزفت سنا ملوح في مخيم "حراس البيدر" في مدينة جنين، على الأورغ موسيقى لأغنية من أغاني فيروز، أطربت الحاضرين وبإضافة جو مخملي يجبر الذاكرة للإسترجاع لمسة فيروز على صباحنا، بينما عزفت أختها حلا ملوح على الفلوت حلقت بالمستمعين لإستشعار جمالية ثقافات الشعوب الأخرى.

في الختام أينما يممت وجهي كنت أرى طاقات ينبعث منها الإبداع والأصالة والجمال عبر حاضنتهم المخيمات الصيفية التي جندت طاقاتها ومواردها، لنرى الأطفال يرقصون، يدبكون، يلقون القصائد الوطنية التي تسري في مجرى دمائهم.


رأيتهم يمثلون المسرحيات، ويلعبون الجمباز وكافة الأنواع الرياضية، شاهدتهم  يتسلحون بالمعرفة عن الوطن وحدوده الجغرافية الذي لا يحده حاجز احتلال، شاركت معهم برسم خريطة الوطن من رأس الناقورة إلى أم الرشراش، لاحظت ضحكاتهم الشقية وهم يلونون الفخار والزجاج والجبص، التقطت صور لهم وهم يبتسمون يركضون يطلقون العنان لأنفسهم ويقاومون بطريقتهم الخاصة بإبداعهم الخالص بإبتساماتهم البريئة وطموحهم اللا حدود له.

من المؤكد أن الحبر ينفذ بإزدحام الأسماء المحملة بالمواهب في فلسطين، اسماء يتشرف الوطن أن يتصدر هؤلاء الطلائع ليصبحوا سفرائه وحملة رايته.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اكتشافات تل الفارعه..الكنعانيون هنا منذ الالاف السنين

اقتباسات من كتاب "التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الإنسان المقهور".