فندق خان الوكالة..قطعة حية من جنة الماضي


بقلم : ديمة الحاج يوسف 

  
يقولون "إن الصمت في حرم الجمال جمال" ولكن في حالة التحدث عن فندق خان الوكالة، فإننا نبخس بحق الجمال حين نصمت، لهذا أثرت التحدث وتعريف الآخرين به لتزداد مساحات الجمال  في هذا العالم.



فإن كنت من عشاق مسلسلات البيئة الشامية في بيوتها ذات الطراز المعماري المبهر كل ما عليك هو البحث في قلب مدينة نابلس تحديدا في الطرف الغربي للبلدة القديمة عند نهاية سوق الحدادين.

لزيارة فندق خان الوكالة الذي يعيدك إلى رائحة الياسمين وعبق التاريخ بحجارته البيضاء العتيقه وبنائه الهندسي من قباب وأقواس وأعمدة وساحات مرصفة وصوت خرير المياه يخرج من النافورة التي تتصدر الساحة المركزية وفيها قاعة الطعام في الفندق وأنت محاصر بالورود زاهية الألوان من كل زاوية وإتجاه




وستسري قشعريرة في جسدك لا تدري من أين مصدرها حين تجوب عيناك حول المكان مستطلعاً، لتعرف أن تاريخ هذا الفندق يعود إلى أكثر من  300 عام، شيده امير الحج الشامي حاكم نابلس "فروخ باشا" عام 1630م في العصر المملوكي ليكون مقرا للحجاج ونزوال القوافل التجارية، ولاستقبال الوافدين للمدينة لتسهيل معاملات التجار وتوفير أماكن لإقامتهم ومبيتهم و كان يتسع للحيوانات التي استخدمت في التنقل، وللبضائع

ويضم خان الوكالة  14 محلا تجاريا داخليا، و15 محلا خارجيا مفتوحا على السوق بالإضافة إلى 21 غرف فندقية مجهزة، ومطعم من في الطابق الأرضي والأول.

أعيد بناؤه كما كان عليه قديما بمساهمة من جامعة النجاح الوطنية، وتمويل من الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع اليونسكو، بفضل جهودهم تحول من اطلال موحشة غابرة توحي بالرعب والخراب إلى تحفة معمارية خالدة بث الروح فيها،  حيث استغرق إتمام مشروع ترميم هذا المبنى التاريخي اثني عشر عاما بسبب  العوامل الطبيعية من الزلزال الذي ضرب المدينة وخلف الكثير من الركام عام 1927 وتركه طي النسيان حتى منتصف التسعينات امتدادا إلى الأوضاع السياسية الناتجه عن  اندلاع الانتفاضة الثانية التي تسببت بالحصار والقصف للمدينة مخلفة الكثير من الدمار للخان ايضاً.




وفي الساحة المركزية جلست مع صديقتي تظلنا مظلات كبيرة تقينا من شمس الظهيرة الحارقة في آب، يلطف الأجواء علينا   مراوح ذات حجم كبير ترش الهواء ورذاذ الماء لإنعاش الزائرين، وسماع الأغاني الكلاسيكية بالإضافة إلى سحر المكان الذي يفرض عليك أن لاتغيب ناظريك عنه، جلسنا تلك الساعتين تناولنا طعام شهي وتجاذبت مع صديقتي اطراف الحديث ونحن نتأمل المكان الذي يؤصل تاريخ وعراقة مدينة نابلس.




وإذا أردت إغناء تجربتك في هذا المكان، والعودة عبر التاريخ دون ركوب آلة الزمن، كل ما عليك هو الحجز للمبيت في فندق خان الوكالة، حيث اصطحبتني الشيف سناء في جولة حول مرافق وغرف الفندق وأطلعتني على تصميم غرف الفندق الساحرة حيث تم الحرص على تقديم كافة الخدمات العصرية فيه في الوقت الذي تلاصقك الإناره والسجاد التراثي والحائط الحجري البارز في غرفتك بشكل يعجز اللسان عن وصف جماله.



ومن المثير للإعجاب أن فندق خان الوكالة لا يتقصر على كونه فندق ومطعم فقط، حيث يتم تخصيص جزء من الخان للمعارض الثقافية والأشغال التراثية  وهناك تقام العديد من الأمسيات الترفيهية والحفلات الموسيقية في الخان كخطوة للمساهمة في رفع المستوى السياحي والاقتصادي للبلدة القديمة ومن أجل الحفاظ على الموروث الثقافي والتراثي وربطه بالمعالم الأثرية لتعكس حضارة وتاريخ المدينة.












.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اقتباسات من كتاب "التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الإنسان المقهور".

اكتشافات تل الفارعه..الكنعانيون هنا منذ الالاف السنين

البلدة القديمة في نابلس..تروي حكاية تاريخ عريق