"تشابل هيل" ليس "تشارلي ايبدو"!





ديمة الحاج يوسف
                                                                        
تحاول هذه المقالة الإجابة عن سؤال كيف اختلف تعاطي وسائل الإعلام الدولية في حادثة صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، التى وقعت في باريس التي اسفرت عن مقتل 12 فرنسيا بينهم أربعة من أبرز رسامي الكاريكاتور فيها، مقارنة بالحادثة التي حصلت  بمقتل عائلة مسلمة مكونة من ثلاثة أفراد من قبل أمريكي ابيض في أمريكا.

 اقتحم الأمريكي كريج ستيفن، بيت ضياء شادي بركات، وقتله مع زوجته يسر محمد أبو صالحة وشقيقتها رزان محمد أبو صالحة.

مما سبب إستياء في مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"، متهمين الإعلام الغربى بتجاهل مقتل عائلة مسلمة بالكامل على يد شخص أميركى في مقابل ما حدث من ترويج اعلامي ضخم ل "تشارلي ايبدو" وذلك من خلال هاشتاغ دشنه رواد تويتر تحت إسم ChapelHillShooting

ومن التقنيات المسؤولة عن كيفية تقديم الأخبار للجمهور في الخطاب الإعلامي هي: الحجب، الإبراز، التسطيح، التعميق.

والتعتيم الإعلامي الذي حصل في حادثة "تشابل هيل" لم يتم بإخفاء الخبر عن الجمهور بل تضليله وعدم تقديم الخبر ضمن سياقه، وتوجيه الجمهور لتشكيك وتصديق ما تريده الوسيلة الإعلامية وذلك حسب ترتيبها للمعلومات الواردة في الخبر بطريقة تتوافق مع أجندة المؤسسة.

ركز الإعلام الغربي على الجدل حول هل هو قتل لأسباب صراع على موقف السيارات أم جريمة كراهية! مقدما العديد من المعلومات ليثبت زعمه، على سبيل المثال موقع  NBC NEWS" " يبدأ مقدمة الخبر في نقل اقوال الشرطة حول "أن التحقيقات الأولية لإطلاق النار على ثلاثة مسلمين بقرب جامعة شمال كاليفورنيا يحفزه دافع ازعاج من موقف السيارات وليس كجريمة كراهية وتضيف الشرطة بأنه "حادث فردي (معزول) ولا يتنمي لجماعة ضد الإسلام".

العديد من وسائل الإعلام الدولية كان ابرز عناوينها حول هذا الحادث اقتباس من زوجة القاتل بإعطائها فرصة للدفاع عنه! لتأكيد وتكرار بأن الجريمة بسبب موقف السيارات، وقالت بأنه عاطل عن العمل، وذكرت الشرطة بأن الجاني يتعاون مع السلطات في التحقيق وبأن الشرطة والسلطات لا تعتقد بأنها جريمة كراهية، وتؤكد بأن ليس لديه أي سجل إجرامي.

ومحامي القاتل يقول بأنها "قضية دنيوية" وهي موقف الجيران، وبأن لدى القاتل العديد من المشاكل المشابهة مع العديد من الجيران حول موقف السيارات، وبأن لديه "مشاكل عقليه" بذريعة أن ما ارتكبه لا يرتكبه "الإنسان الطبيعي" ودعا محاميه على حصول الجاني على خدمات الرعاية الصحة النفسية.

وأردف المحامي في تصريح تلفزيوني له بأن " الضحايا للأسف كانوا بالوقت والزمان الخطأ"!.

ووصف هيكس بأنه "ملحد" وعبر عن كرهه للأديان سابقاً من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، وهو ما جعل الشكوك حول دافع الجريمة تتجه نحو "كره الإسلام 
".
لكن الشرطة لم تؤكد بعد بأن حسابه على موقع التواصل "الفيس بوك" تابع له وما يحتويه من رسالة كراهية.

كل ما ذكر يضلل الجمهور عن بشاعة ما حصل، ويلغي أي حافز للقتل، وكأن الإلحاد والعطل عن العمل أو حتى إتهامه بأنه مريض عقليا أو بسبب موقف السياره سبب مقنع لمقتل ثلاثة  (مسلمين) برصاصة بالرأس!.

الملفت بأنه تم إطلاق عليه مسمى "رجل، رجل مسلح، مطلق الرصاص" وليس "إرهابي" حيث لا يوجد أدلة كافية تثبت تحيزه أو إنتمائه لأي جماعة ضد الإسلام في أمريكا حسب قولهم.

ومصطلح "جريمة كراهية" تذكر ضمن قول أهل الضحايا فقط، ليقنع الجماهير بأن العاطفة تتغلب عليهم.

نشر موقع BBC"" صورة أولى لرصيف كتب عليه "محجوز" لخبر مقتل العائلة المسلمة على يد الامريكي،  وكتبت تحتها بأن التساؤل هل القتل الثلاثي سببه إزعاج موقف سيارات أم موقف السيارات ذريعة لـ "جريمة كراهية"!.

وهي وسيلة لتسطيح الحدث وإثارة الجدل لتضليل الجماهير، ونزعه عن سياقه المرتبط بالعنصريه ضد المسلمين في أمريكا.
بالمقابل في حادثة "تشارلي ايبدو" تبدأ مقدمات الأخبار في موقع "NBC NEWS" بوصف دقيق لما حدث ماذا فعل الجناه وماذا كانوا يرتدون، أي سياره استقلوها، وما سلاح  الجريمة، وصراخ الجناة بتكبيرات والتأكيد على "إنتقامهم للرسول" مردفين مصطلح "الهجوم الإرهابي" لوصف ما حدث. 

ناهيك عن سؤال الشهود ووصفهم لما حصل، وإرفاق الخبر بخرائط توضيحية وصور عن موقع الحادثة.

وانتج الموقع NBC"" فيديو قصير من دقيقتين حول التسلسل الزمني لرسوم الكاريكاتير المسيئة للأسلام التي بدأت بصحف الدنمارك حتى تشارلي ايبدو من 2005_2015، وردات فعل المسلمين التي تتصف بالعنف من إغلاق السفارات وحرقها مع الأعلام، ومظاهرات ضخمه وتهديدات  كما تشاهد بالفيديو. وهكذا لم تفصله عن سياقه التاريخي وسياق الحدث حتى تؤكد الدافع الأساسي لإرتكاب الجريمة "تشارلي ايبدو" وهو وسيلة لتعميق الحدث لترسيخه في الأذهان.

وأعزت العديد من وسائل الإعلام بأن رسمها الكاريكاتير الذي يسخر من النبي محمد حسب ما كرروا عدة مرات  بسياق الخبر هو السبب الأساسي لهذه "المجزرة" و "المذبحة" و "الهجوم الإرهابي" "هجوم اسلامي مسلح" كما وصفته وسائل الإعلام الدولية. 

بالإضافة للإدانات الدولية والعالمية والتضامن العالمي ضد حادثة "تشارلي ايبدو" بالمقابل لم يتم الإستجابة لردة الفعل نفسها من إدانات وشجب بحادثة "تشابل هيل".

لو كان الخبر "مسلم يقتل ثلاثة بيض في أمريكا" لضجت وسائل الإعلام بمصطلحات تؤكد بأنه عمل إرهابي متصل بجماعات إرهابية ولستخدمت الصورة النمطية حول "الإسلاموفومبيا" وأن الإسلام يحرض على العنف والبربرية والقتل، لكن لأن الصورة تم عكسها بأن الأبيض الأمريكي هو من قتل العائلة المسلمة وظفت وسائل الإعلام أدواتها لتضليل الجمهور المتابع لها لأخذ موقف المتشكك من الحادثة لتسطح وسائل الإعلام الغربية الحدث مقتل المسلمين الثلاثة حتى يتوائم مع سياساتهم.










تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اكتشافات تل الفارعه..الكنعانيون هنا منذ الالاف السنين

اقتباسات من كتاب "التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الإنسان المقهور".