إن زارك الألم

بقلم: ديمة الحاج يوسف

إن طرق الألم  بابك، لا تتردد في فتح الباب له، استقبله بحفاوة، قل له أين كنت تتسكع بالغياب طوال تلك المدة؟ هل جئت  لتطمئن على أحوالي؟ أم لتقيم عندنا!.


 صورة أرشيفية

اجلس بمحاذاته تجاذب معه أطراف الحديث، ولا بأس بقليل من القهوة، عامله كصديق، افرغ منفضة قلبك وتحدث دون خجل أو كبرياء، فلا أحد يستطيع أن يتطفل على ليلتكم تلك.


اعزف له موسيقاك المفضله، وإن كنت لا تجيد العزف، فلا بأس بكثير من الجنون، لرقص "التانغو" مع صديقك الألم.
 وإن قرر المبيت في بيتك، فلا تتدثر لوحدك بأغطيتك، بل تقاسم معه، وافسح له مكان في عقلك كي لا ينغرس في قلبك، تقبله لا تنبذه كما فعل غيرك، جالسه طويلا، إسأله عن أحواله، ولا تحدق في عينيه كي لا تسكن فيهما.

إضحك على لباسه الرثه، فلم تعد تخيفك، فقد اعتدت على رؤيته، فهو صديق حميم لا بد منه.

لا تكن وقحا، وتتجرأ بمعاتبته لماذا اخترتني؟ لا تتوسل إليه وأنت راكعا ليحل عنك، كي لا تصبح مثير للشفقة، فهو قدر لا مفر منه.

 وحين تنتهي مدة إقامته التي ستعود حينما يشتم صوت قلبك، صافح قلبه، واعرض عليه القدوم مجددا، لقد  بت تدرك  مع خبرتك بأن صديقك الألم يطحنك كغبار الطلع، يعصر قلبك ويصنع منه نبيذ ليثمل به.

لكنك بت تسخر من كل هذا، لأنك تعلم بأنك تتألم في كل مره يأتي لزيارتك، ولكن حين يرحل، يجعلك أنقى، أجمل، أكثر صلابة من قبل، يحولك لثائر ومبدع لا يهادن.

أثبت التاريخ بأن عظماء العالم لم يخرجوا من رحم الرفاهيه، بل من رحم الألم، فأنت لم تعد هشا منذ أن طرق الألم بابك، بل أصبحت أكثر عمقا، حكمة، وقدرة على ملامسة قلوب البشر، فهنيئاً لك بألمك الذي تعلمت منه ولم يمتصك كالكثير من العابرين في الحياه!.
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اكتشافات تل الفارعه..الكنعانيون هنا منذ الالاف السنين

اقتباسات من كتاب "التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الإنسان المقهور".