حروبنا ليست تكاثرية!

بقلم: ديمة الحاج يوسف


"على أمة محمد الإكثار من نسلها والتكاثر بالملايين، حتى تزحف "جيوشها الفاتحه" لأوروبا وأمريكا "الكافرة" لسبي خيراتهم ونسائهم، ولهدايتهم إلى "الصراط المستقيم" وهكذا نتفاخر بين الأمم .."عليكم بعدم تنظيم النسل فهذه خطط صهيونية أجنبية ومؤامرات تحاك ضدنا لتقليل من عددنا وهزيمتنا!".

ما زال العديد يتفوه بهذه العبارات!.


شاهدت فيديو باللغة الإنجليزية فاق نسبة مشاهدته المليون، وهو تقرير مجهول المصدر، يتحدث عن نتائج التغيير في الخصائص السكانية للعالم.

ويدعي بأن أوروبا وامريكا سوف تنهار حضارتهم وتختفي من الوجود مع انكماش أعداد سكانهم! ويفتخر بأن الهجرة الإسلامية هي الأعلى وتصل لـ 90% بين أعداد المهاجرين، وبأن أعدادهم وإنجابهم الكثير سيؤدي إلى تحول أوروبا لقارة إسلامية!.


لم يأخذ بعين الإعتبار صاحب مقطع الفيديو، عن أسباب هجرة المسلمين وعدم توفر الكرامة، الحقوق والعداله في بلادهم "الإسلامية".

وبأن كثرة العدد لا تساوي شيئا أمام إستثمار العقول والطاقات، بالإضافة لتجاهله تفتت العرب وعدم وحدتهم على كلمه لنتفرغ "للسيطره" على أوروبا وأمريكا، وكأن الدين الإسلامي يهدف إلى قتل الناس والسيطرة على بلادهم وليس نشر السلام والعدل في العالم.


تذكرت مقولة الشاعر نزار قباني “إنهم يريدون أن يفتحوا العالم وهم عاجزون عن فتح كتاب ويريدون أن يخوضوا البحر وهم يتزحلقون بقطرة ماء ويبشرون بثورة ثقافية تحرق الأخضر واليابس، وثقافتهم لاتتجاوز باب المقهى الذي يجلسون فيه، وعناوين الكتب المترجمة التي سمعوا عنها”.


فليتذكر من يتباهى بأعداد المسلمين التي توازي وهن بيوت العنكبوت، بأن اليابان احتلت الصين في عام 1937 حتى  1945. بالرغم من أنها لا تقارن بالعدد والمساحة بدولة الصين!.

وفلسطين محتلة منذ عام 1948 وهُزم العرب في النكبة، والنكسة، بالرغم من "تفوق" العرب بالعدد 300 مليون عربي مقابل تسعة مليون إسرائيلي في فلسطين المحتلة.

لا يستطيع العرب سحق العدو الإسرائيلي بحجارة أو بدلو من الماء! بمقابل ما لديهم من قنابل  نووية ومليارات و بروباغندا تٌحشد من كل العالم لدعمهم.

لديهم مختبرات علميه، متفوقون في مجالات عده، يهيمنون على أمريكا من خلال اللوبي الصهيوني، في الوقت الذي فشلت فيه كل مليارات العرب بخلق لوبي عربي واحد يؤثر في صنع القرارات الدولية في الشرق الأوسط!.


في الوقت الذي ننشغل بالإنجاب المبالغ فيه، بإنجاب إحدى عشر واربعة عشر ولد، والمدخول الإقتصادي متردي، والتواكل يهيمن على التوكل، تزداد ظاهرة فقدان كرامة وقيمة الإنسان في الوطن العربي.


فموت العشرات، المئات، الالاف منا لن يحرك حكومة أو شعب، لن يغير قرارت، أو يجعل أحد يلقي اللوم على الفاسد بدلا من القضاء والقدر، وسيصبح الموتى ارقام تصطف بسرعة في الشريط الإخباري!.


هل لأن "الخير" ما زال فينا ونحن شعوب خصبة قادرة على الإنجاب، أم لأن الإنجاب أسهل الأمور "والحلول" لأن العلم ومكافحة الفساد أصعب من الإنجاب!.



مؤخرا هللت عدد لا بأس به من الوكالات الإخبارية الفلسطينية، لخبر ولادة خمسة الالاف مولود في غزة، وكتبت "بالمقابل وبالمقارنة ويعوضن" المولودين الجديد عن استشهاد ما يزيد 2140 انسان في إبادة جماعية للمدنيين في غزة!. 


خمسة الالاف مولود قد تكون مفتاح أمل لبعض المنكوبين في غزة، ولكن لم ولن تعوض ألم وخسارة  وفجيعة فقدان أكثر من ألفين إنسان في غزة، لن يعوض أحد بأحد لأن الإنسان ليس قطعة غيار!.

بالختام من يعتقد بأن التناسل والتكاثر هو الحل، قبل أن يحسب مدى خصوبة أرحام نسائنا، فليحسب مدى خصوبة المناخ العربي لتبني عقول الإنسان ولتوفير حياة كريمة له، فحروبنا وحياتنا ليست تكاثرية، وأعدادانا قد تكون كغثاء السيل إن بقينا هكذا.


شاهد الفيديو


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اكتشافات تل الفارعه..الكنعانيون هنا منذ الالاف السنين

اقتباسات من كتاب "التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الإنسان المقهور".