مراجعة ونقد "اجعلني مسلما"

إعداد: ديمة الحاج يوسف
                                              صورة من الفيلم 

عرضت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) برنامجاً تلفزيونياً بعنوان "اجعلني مُسلماً".

ببداية البرنامج طرحت مقدمة البرنامج عارضة الأزياء شانا بخاري، هي بريطانية مسلمة من أصول باكستانيه، عدة أسئلة تتمحور حول السبب الذي يدفع العديد من النساء البيض في بريطانيا لإعتناق الإسلام والتخلي عن حريتهم التي تتيحها الحياة الغربية، وما مدى سهولة التأقلم للمسلمة الجديدة في دين يستطيع الرجل فيه أن يتزوج أربعة نساء، ولماذا يعتنقون دينا مرتبطا بالتطرف الديني من البعض؟.


تقابل المذيعة خمس مسلمات جدد للتعرف على السبب الذي دفعهم لإعتناق الإسلام. 

*الفتاة الأولى عشرينية تقول بأنها مالت للدين الإسلامي لأنه دين محافظ وهي تتبع الموضة  بأناقة وبإسلوبها الخاص، وترى بأن الإسلام لا يقمع المراة فهي تستطيع التعلم والعمل والزوج يوفر لها المال.

*أما الفتاه الثانية عمرها 20 عاما،  طالبة إعلام، وتقول بأنها لا تذهب للمراقص ولا تشرب الكحول، وتخلت عن تناول لحم الخنزير، السبب بإسلامها خطيبها العربي "عبدو" وتقول بأن الإسلام أجاب على اسئلتها في الحياة، وهي تحضر الدروس الدينية، وفي المركز الديني النساء تجلس خلف الرجال وترتدي النساء الحجاب.

شانا وهي العارضة الباكستانيه التي تقابل النساء تعرضت للحكم من قبل المسلمين لإشتراكها في ملكة جمال العالم، مما أدى إلى تهديدها من أعضاء بالمجتمع الإسلامي بالقتل وقطع رأسها وأن الله سيحرقها في جهنم وغيرها من رسائل الكراهية والشتائم القبيحه التي وصلتها.

*أما المرأة الثالثة المتزوجة من رجل باكستاني، وهي موافقة ومتقبلة أن تكون زوجة ثانية له، ليقضي نصف الأسبوع معها هي والأولاد، وقررت أن تغطي وجهها بالنقاب كعلامة على إلتزام دينها.

*المرأة الرابعة حين كان عمرها 21 واجهت مشاكل في حياتها لهذا قررت أن تسلم،  وبينت معضلة  وصعوبة إيجاد زوج مسلم لها في بريطانيا.

*المرأة الخامسة عارضة أزياء ناجحة  عالميا، تقول بأنها أول ما أسلمت كانت متغطية بالكامل وربما كانت متطرفه حسب قولها، هي إستطاعت برأيها أن توازن بين مهنتها ودينها.

عرض الفيلم عدة وجهات نظر للمسلمات الخمس، مثل الفتاة الأنيقة العصرية، أو صاحبة صالة عرض أزياء، وأخرى تحدد لنفسها لباس دون غيره...الخ.

بالإضافة لتركيز الشخصيات على الجانب الروحي وشعورهن بالسلام الداخلي لإجابة الإسلام على الأسئلة التي تخطر ببالهم، بجانب كونهن فاعلات بالمجتمع يعملن ويتعلمن وكل هذا نقد إيجابي للفيلم. 

عنوان الفيلم "إجعلني مسلما" لكن السؤال ما الذي يجعلني مسلما، هل هو إرتداء الحجاب أو النقاب وعدم إرتداء الكعب العالي، عدم الذهاب للمراقص الإمتناع عن شرب الخمر وتناول لحم الخنزير، والسماح للزوج بتعدد زوجاته، عدم الإحتفال بالكريسماس، أم الإسلام هو كل تلك الأفكار مجتمعه، أم أكثر من هذا!.


هل جلوس الرجال في المقدمة والنساء في الخلف، وتربية اللحى، وإجبار أحد على إرتداء الحجاب في حال لم يكن محجب لدخوله مركز ديني، يجعلني مسلما؟.

هل الشتائم والتهديد بالقتل والحرق التي وجهت للعارضة البريطانية الباكستانيه، من أعضاء بالمجتمع الإسلامي، هي من أخلاق وصفات تؤهلني لتجعلني مسلما!.
لست بصدد مناقشة الحجاب، النقاب والأناقة وغيرها، ولكن أليس كل تلك الأفكار لا تمس جوهر الدين بل السطح لا أكثر، ولماذا يتعمد رجال الدين سواء في الغرب أو عند العرب بتقديم الدين بطريقة سطحية ولا تمس جوهره.

وإن كان الإسلام منظومة كاملة من أجل سعادة الفرد، لماذا غالبا يتم التركيز على الطقوس المجردة؟.

لا أقول بأن هناك مفهوم محدد للدين دون غيره، ولكن لماذا عادة يتم تنميط صورة الإسلام بلحية والصلاة وبإمرأة متغطيه، هل دعا الرسول محمد الناس ليسلموا من أجل هذه الأمور لا غير؟.
ولماذا نتغافل عن حقيقة أن رسول الله دعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية، حث على المساوة بين الناس ونشر العدل وحرية العبيد، الميراث واحترام النساء وإعطائهن الحقوق، والشورى والفضائل الأخلاقية، والإتقان بالعمل، وعدم قبول ظلم الحاكم، ونصرة المستضعف والفقير وفعل الخير وتعلم اللغات والإبحار في العلوم، وغيرها من الأمور أكثر مما كان يدعو للحجاب!.

أنا لا أدعو لعدم إرتداء الحجاب! ولكن أؤمن بأن الإسلام أعمق من أن يكون قماش يسدل على الرأس!.فالإسلام منظومة وحلقة كاملة إجتماعية، روحانية، إقتصادية،  سياسية، إنسانية، علمية...

ولنتساءل بعيداعن الفيلم الوثائفي، أليس من نتائج إقتصار الدين على مفهوم واحد إنتاج تشوهات بالمجتمع  كالتطرف.

ولنفكر بأسباب نجاح التنظيم الإرهابي "داعش" بجذب  آلاف من الأوروبيين والغربيين من الرجال والنساء الذين هاجروا من بلادهم إلى العراق وسوريا للمشاركة في القتال المسلح معتبرين أن هذا "جهاد"! من المسؤول عن نقل أفكار داعش للأوروبيين وإقناعهم بأن هذا هو الدين بأبهى صوره!.


 لمشاهدة الفيلم من هنا:

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اقتباسات من كتاب "التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الإنسان المقهور".

اكتشافات تل الفارعه..الكنعانيون هنا منذ الالاف السنين

البلدة القديمة في نابلس..تروي حكاية تاريخ عريق