مخيم عايدة ومآسي سكانه
بيت لحم/ ديمة الحاج يوسف
قد
تتشابه ملامح المكان بالبيوت المتلاصقة، والأزقة التي يفوح منها عبق
الحنين للعودة إلى الوطن المسلوب.
قد تتماثل الرسومات وشعارات المقاومة
ورموز النضال على الجدران، ولكن لكل مكان ذاكرته. ولأن ذاكرة المخيم لا
تصدأ، فسيكون لها حكاية.
ستتجول مجلة "العودة" في مخيم عايدة في المنطقة
الغربية، بين بيت لحم وبيت جالا، لتتحدث عن الحياة اليومية التي يحياها
الفلسطينيون تحت حكم السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي معاً. تعرفت
"العودة" في أزقة المخيم إلى الأوضاع التعليمية والصحية والبطالة، ونقص
الخدمات.
*الموقع
مخيم عايدة يقع في المنطقة الغربية، بين بيت لحم وبيت جالا، على الناحية الغربية للطريق الرئيسي (الخليل ـ القدس).
مخيم عايدة يقع في المنطقة الغربية، بين بيت لحم وبيت جالا، على الناحية الغربية للطريق الرئيسي (الخليل ـ القدس).
تأسس
مخيم عايدة للاجئين في عام 1948، وكانت مساحته عند الإنشاء 60 دونماً،
أصبحت الآن 115 دونماً، والمسجلون داخل المخيم، حسب إحصاءات "وكالة الغوث"،
بلغوا أكثر من 4,700 لاجئ مسجل.
تعود تسمية مخيم عايدة هذا الاسم إلى صاحبة الأرض التي أُسس عليها المخيم وأُقيم، حيث كانت فيه قهوة تسمى قهوة عايدة. ونظراً إلى ارتباط الاسم بالعودة، حافظ أهل المخيم على هذا الاسم، أملاً بالعودة إلى أراضيهم.
ينتمي اللاجئون الأصليون في المخيم إلى أكثر من 43 قرية ومدينة دمرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حربي عام 1948 و 1967.
وأيضاً، يتبع أصل بعض
سكانها للجزء الغربي من منطقتي القدس والخليل، بما فيها الولجة وخربة العمر
وقبو وعجور وعلار ودير أبان وماليحا، وراس أبو عمار، وبيت نتيف، وبيت
عطاب و زكريا وقرية بئر السبع وغيرهم ممن جمعهم الشتات في مخيم عايدة.
ويمتد مخيم عايدة فوق مساحة من الأرض تبلغ 0,71 كيلومتر مربع، لم تنمُ بنحو كافٍ مع نمو مجتمع اللاجئين، ولذلك فإن المخيم يعاني مشاكل اكتظاظ شديدة.
وفي العديد من الحالات، المخيم مرتبط بنحو كامل بشبكة الكهرباء منذ عام 1970، وشركة كهرباء محافظة القدس هي المصدر الرئيسي للكهرباء في البلدة.
ويُزوَّد سكان مخيم عايدة بالمياه من خلال
سلطة المياه والمجاري- بيت لحم منذ عام 1969، لكن بسبب الفاقد من المياه
الذي يصل إلى 39%، وهذه تتمثل بالفاقد عند المصدر الرئيسي، خطوط النقل
الرئيسية، شبكة التوزيع، عند المنازل.
وبالتالي يبلغ معدل استهلاك الفرد من
المياه في مخيم عايدة 66 ليتراً في اليوم،
ويُعَدّ هذا المعدل متدنياً مقارنة بالحد الأدنى المقترح من قبل منظمة الصحة العالمية الذي يصل إلى 100 ليتر للفرد في اليوم.
وبحسب دليل مخيم عايدة الذي أعده معهد
الأبحاث التطبيقية - القدس أريج، يعاني المخيم انقطاع المياه لفترات طويلة
في فصل الصيف، وذلك يعود إلى الهيمنة الإسرائيلية على مصادر المياه
الفلسطينية، ارتفاع نسبة الفاقد في شبكة المياه، عدم وجود آبار منزلية لجمع
مياه الأمطار، وقدم المضخة التي تضخ المياه عبر شبكة المياه العادمة في
المخيم.
مشاكل المخيم
يتحدث أبو القسم (27 عاماً) لمجلة "العودة" عن أبرز المشاكل التي يواجهها أهالي مخيم عايدة، والتي تتمثل بوجود الجيش والمواجهات التي تحدث باستمرار مع قوات الاحتلال.
يتحدث أبو القسم (27 عاماً) لمجلة "العودة" عن أبرز المشاكل التي يواجهها أهالي مخيم عايدة، والتي تتمثل بوجود الجيش والمواجهات التي تحدث باستمرار مع قوات الاحتلال.
بدورها انعكست هذه المشاكل على المخيم من جميع النواحي، حيث بلغت نسبة البطالة 20,6%، ويعاني 8,7% من فقر مطلق، حسب إحصاءات الأونروا، حيث يعتمد الاقتصاد في مخيم عايدة بنحو رئيسي على سوق العمل الإسرائيلي، حيث يستوعب 78% من القوى العاملة.
أيضاً، لا يمتلك المخيم أراضي زراعية، ويعمل معظم
القوى العاملة في بيت لحم، وبيت جالا، في بعض الورش، والأعمال الحرفية، في
مدينة بيت لحم، وأصبح العديد من أبناء المخيم وأهاليه يفضلون البحث عن
منازل أخرى خارجه، والعيش فيها بسبب اكتظاظ المخيم وزيادة عدد السكان فيه
وقلة المساحة الموجودة، وهذا سبّب اختناقاً وازدحاماً واضحاً في المخيم.
في مخيم عايدة مدرسة واحدة للبنات تعمل بنظام الفترة الواحدة. أما البنون، فهم يدرسون في مدارس بيت جالا. وفيه روضتان، إحداهما تشرف عليها "الوكالة"، والأخرى خاصة.
وبلغت نسبة الأمية لدى سكان مخيم عايدة عام 2007 نحو 6.8%، وقد شكلت نسبة الإناث 77.8%. ومن مجموع السكان المتعلمين كان هناك 12.3% يستطيعون القراءة والكتابة، و18.4% أنهوا دراستهم الثانوية، و10.4% أنهوا دراساتهم العليا.
حسب قول أبو القسم، الاحتلال أثر على مسيرة التعليم، ويرى أن التعليم التابع لوكالة الغوث يتسم بالضعف، وتحصيل طلابه ضعيف جداً، حيث يسترسل بأنّ هناك فئة كبيرة لا تجيد القراءة والكتابة.
ويعزي سبب ذلك إلى تقصير
المدارس وسياسة التعليم بعدم متابعة المعلم للطالب وتقصير الأهل. ويقول إن
هذا دفع العديد من الأهالي إلى تحمّل نفقات التعليم الخاص، ومنهم من يتفق
مع المدرسة على دفع أقساط ميسّرة، وبهذا يضمن حق أطفاله في التعليم.
وسبّب تقليص الخدمات التي تقدمها الأونروا لسكان مخيم عايدة العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وذلك لوجود أعداد كبيرة من أهالي المخيم يقتاتون فقط على الخدمات المقدمة من وكالة الغوث.
ولا مراكز صحية في المخيم، باستثناء عيادة عامة للاجئين، تقع في مدينة بيت جالا وتسمى دار خمشتا وتبعد نحو كيلومتر واحد عن المخيم. وفي حالة الطوارئ يتوجه المرضى للعلاج في المرافق الصحية الموجودة في مدينة بيت لحم، ومنها مستشفى الحسين (بيت جالا الحكومي) الذي يبعد 1 كم عن المخيم.
ويعقّب على هذا أبو القسم بأنّ الوضع الصحي مثل الوصع في باقي الخيمات، من يحصل على تأمين فهو بصحة جيدة، ومن لا يوجد لديه فهو ليس بصحة جيدة، وهذا ينطبق على جميع المخيمات عموماً. ويضيف أنهم بحاجة إلى مركز صحي داخل المخيم.
ويوجد العديد من المرافق الترفيهية والخدماتية في المخيم مثل اللجنة الشعبية للخدمات، مركز الرواد لثقافة والمسرح، مركز لاجئ، مركز شباب عايدة الاجتماعي، مركز غسان كنفاني، جمعية أبو عمار، مركز هاجر.
وإن سرت في مخيم عايدة، فسترى جدار الفصل العنصري يلتف حول عنق المخيم من جميع الجهات، رسم عليه لوحات النضال والمقاومة لرفع معنويات الشعب وتحدي الاحتلال. ويتحدث أبو القسم وهو أدمن صفحة الفايسبوك (أخبار مخيم عايدة 24 ساعة) عن أن أثر الجدار كان على جميع المناطق الفلسطينية.
وقد أصبح المخيم
على صغر حجمه كالجحيم بسبب الجدار الذي اجتاح وسلب العديد من المناطق التي
كانت بالماضي متنفساً لأهل المخيم، كذلك فإنه حوّل شكل المخيم إلى قلعة أو
سجن كبير، وهذا أدى إلى التأثير على الحالة النفسية لدى سكانه.
ويطالب بتحسين الخدمات المقدمة للمخيم، والاهتمام بنحو مغاير لما هو موجود حالياً، وتحسين الوضع الصحي ووضع التعليم، وإيجاد فرص عمل للمتخرجين وإعطاء أولوية لهم، وتقديم المساعدة للعائلات التي تحاول بناء منازل لها داخل المخيم أو خارجه، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المخيم وحياته والجدار الذي يحيط فيه وتعريف العالم به.
يقول غسان كنفاني: "حوّلوا اللاجئ من إنسان إلى مجرد حالة، فاللاجئون قيمة زعامية، فهم مادة الخطابات الوطنية واللفتات الإنسانية والمزايدات الشعبية... وأنت ترى يا سيدي، لقد أصبحوا مؤسسة من مؤسسات الحياة السياسية التي تدر الربح يميناً ويساراً".
بالرغم من المآسي التي يتعرض لها اللاجئون،
إلا أنك حين ترى وجوه الناس وتحدق في عيونهم وتستمع إلى أحلامهم ستعرف أن
قضية اللاجئ ليست معونة من الغذاء يقدمها لهم أحد عند مطلع الشهر، هم
القضية نفسها.
*تم نشر المادة في مجلة العودة: http://alawda-mag.com/default.asp?issueID=71&MenuID=102
تعليقات
إرسال تعليق