عملية.. اختفاء.. اختطاف.. مقتل المستوطنين.. أين الرواية الفلسطينية؟
الحدث- خاص
إعداد: ديمة الحاج يوسف
قتلى، جرحى، اعتقالات، اقتحامات، مداهمات، هدم للبيوت، قصف، إغلاق
الطرق وتوتر يخيم على الأجواء، نظريات كثيرة بعضها متباين، وبعضها الآخر متقاطع
حول الأسباب والمسببات، إثر اختفاء المستوطنين الثلاثة لثمانية عشر يوما، والعثور
على جثثهم ليلة أمس بحسب الرواية الإسرائيلية، وإنحياز المجتمع الدولي بشكل فاضح
للجانب الإسرائيلي، كل ذلك يدور في ظل حالة من حالات الصمت شبه المطبق للرواية
الفلسطينية، ما يدفعنا للتساؤل أين هي هذه الرواية وماذا قالت؟.
يرى دكتور الفلسفة في جامعة بيرزيت جورج جقمان، بأن العرب مدمنين على
نظرية المؤامرة، لاعتقاد العديد من الأشخاص دون أي دليل بأن ما حصل مع المستوطنين
الثلاثة عملية مفبركة.
ويجد جقمان في حديثه لـ"الحدث" بأن الرواية الإسرائيلية
التي تصور نفسها كضحية تحتاج لطرف لإتهامه، تتهم حماس منذ البداية باختطاف وقتل
المستوطنين الثلاثة، دون الاستناد إلى دليل يثبت تورط حماس.
متسائلا بمن تقصد
"إسرائيل" في حماس، هل هي القيادة، أم الجناح العسكري، أم الأفراد؟
منوها إلى أنه في حال قام بها فرد من حركة حماس، فهي لا تتعدى المبادرة الفردية،
لأنه ليس من مصلحة حماس القيام بهذه العملية في الوقت الراهن، حسب رأيه.
ويعتبر دكتور الفلسفة في جامعة بيرزيت، بأن المصالحة الفلسطينية خطوة
جيدة ولكن هي في حقيقة الأمر ليست مصالحة بالمعنى الذي تم الاتفاق عليه في اتفاقية
القاهرة عام 2011، واصفا المصالحة "بالوهم" وما حصل هو اتفاقية لحكومة
التوافق واجتماع اللجان، أي إعادة تعريف لإتفاقية القاهرة، التي يصعب تنفيذ
بنودها.
مستشهدا بمثال على بعض بنود اتفاقية القاهرة وهو دمج الأجهزة الأمنية
لحماس وفتح، وإجراء إنتخابات بالرغم من اعتقال الاحتلال لعدد كبير من أفراد حماس،
ويضيف جقمان بأن ما يحصل هو ضد حكومة الوحدة، والرئيس أبو مازن.
ويختتم دكتور جورج جقمان قوله لـ"الحدث" بأن المجتمع الدولي
ينحاز للجانب الإسرائيلي، ويتصف بإزدواجية معايرة نتيجة عدم استنكاره لكل ما يحصل
للشعب الفلسطيني، وتضامنهم مع "إسرائيل"، ويتابع بأن الفترة القادمه
ستكون صعبة على الشعب الفلسطيني من إغلاقات لطرق ومناطق، وهدم للبيوت، ما يظهر
رغبة "الإسرائيليين" بالانتقام، برغم من أن العقاب الجماعي هو عقاب
للمدنيين يخالف القانون الدولي والإنساني.
ويتحدث النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة
لـ"الحدث"، عن الرواية الإسرائيلية التي تفتقد للدقه والأدلة الدامغة،
وليست سوى قضايا استخباراتية غير مؤكدة، ويضيف بأن أهداف الاحتلال تتمثل بإعطاء
إنطباع بنجاح الإستخبارات الإسرائيلية، وطمأنة المستوطنين، وبث الرعب في نفوس
الشعب الفلسطيني لإثبات قدرتهم على نسف أي عمل مقاوم ولإقناعهم بأن أي عمل مشابه
في المستقبل سيؤدي إلى نتائج خطيرة على الساحة الفلسطينية يتمثل بالعنف الشامل.
ويضيف خريشة لـ "الحدث" بأن "إسرائيل" تحاول
النجاح دبلومسيا لإعادة الإعتبار للمستوطنين والمستوطنات، وفك عزلة الاحتلال،
خصوصا بعد مقاطعة العديد من الدول الأوروبية للمستوطنات والإعتراف بعدم شرعيتها،
وبهدف تصوير الفلسطيني كمجرم. ويستنكر حسن خريشة موقف المجتمع الدولي تجاه الجانب
الفلسطيني، ويعبر عن أسفه لكون "إسرائيل" هي من تفرض الحقائق على الأرض،
حسب وجهة نظره.
ويطالب النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، بعدم الإستجابة للجانب
الإسرائيلي والإسراع بخطوات المصالحة الفلسطينية، والالتفاف لمواجهة المخطط
الإسرائيلي بالتمسك بحكومة التوافق الوطني، بغض النظر عن اي أخطاء يجب تجاهلها من
قبل الطرفين.
ويعتقد بأن تداعيات المرحلة تتمثل في المزيد من الاستيطان، والمزيد من
الاعتقالات، القتل، المداهمات، منوها إلى أن العقاب الجماعي الذي تقوم به إسرائيل
لا يستثني حماس أو فتح، بل يطول كافة فئات المجتمع الفلسطيني.
بدوره، يؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم،
عدم توفر أي أدلة في الوقت الراهن تثبت مسؤولية أي طرف تجاه خطف وقتل المستوطنين
الثلاثة، ويردف عبد الكريم قائلا: إنه وإن صح إتهام الجانب الإسرائيلي لحركة حماس،
فذلك يعد شكل من أشكال التصرف الفردي، كرد فعل جراء الجرائم التي تركبها إسرائيل
بحق شعبنا.
ويتابع عبد الكريم بأن "إسرائيل" تهدف إلى إستغلال هذه
الأحداث لتوجيه التهمة لحركة حماس، بالرغم من إعلان حماس عدم مسؤوليتها لما يحصل،
بالإضافة إلى إستثارة الرأي العالمي، ويستغرب صمت المجتمع الدولي، وعدم تعاملهم مع
"الإسرائيليين" والفلسطينيين بالمستوى ذاته، ويحمل مسؤولية إختطاف وقتل
المستوطنين إلى الخلل الإمنى لدى "إسرائيل"، بناء عليه يجب على
"إسرائيل" وحدها دفع الثمن.
في الختام ما زالت الرواية الإسرائيلية تعتمد على أساليب التضخيم،
التسطيح، الإخفاء والإبراز للأحداث بما يتناسب معهم، ففي الوقت الذي يختفي فيه
ثلاثة مستوطنين، يتم التنكيل بالشعب الفلسطيني، بشكل جماعي على مرأى ومسمع العالم
دون أي حراك.
وكأن بالزعيم السوفياتي ستالين وهو يقول: "إن موت شخص
واحد كارثة وموت الملايين مجرد إحصائية". فهل تحولت مآسينا لتصبح مجرد أرقام
تسجل في الإحصائية؟ أم أن هناك سبب آخر يمنعنا من نقل الرواية الفلسطينية قبل أن
تتجمد مآسينا في ثلاجات النسيان"؟
تعليقات
إرسال تعليق