فرفطة (1)


ما هي الفرفطة؟ لها عدة معاني، ومنها "تفارطته الهموم" أي تسابقت إليه، و أيضا مجاوزة الحد، لهذا وددت تسمية حكاياتي بهذا الإسم.



                                                                                   حنظلة المتمرد، لثائر ورسام الكاريكاتير ناجي العلي.                                                                                                              (صورة من الأرشيف)

وذلك بعد أكثر من 270 يوم من إعتباري من ضمن العاطلين عن العمل، بالرغم من محاولاتي الدؤوبة والمستمرة لتطوير نفسي، إلا وأن الفرفطة والتفرفط هو الشعور السائد والحكم في هذا الموقف.

    فرفطة (1)


 وأنا أمشي على غير عادتي في سوق مدينة جنين، لفت إنتباهي لافتة كتب عليها  هذه الآية القرآنية "اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ"، تابعت سيري، وبدأ عقلي يفكر بها مرارا وتكرارا.


 لأتساءل لماذا هذه الآية الكريمة توضع في الأسواق، ولا توضع على أبواب المسؤولين، وأمام أبواب الوزارات، وشيوخ المساجد، وكل صاحب مسؤولية كبيره، لعلهم حين يقرأونها يحتسب أحدهم، وما أرى أحدهم بمحتسب!.

 لِم توضع الآية الكريمة هذه في الأسواق، بالرغم من أن لكل مقام مقال، ولكي يكون هناك تأثير للحديث، يجب أن يتناسب مع السياق، أي أين يوضع الكلام، ولمن، وما الهدف من قوله؟.

ذكرتني هذه الآية بتعليقها في السوق، في كتاب وعاظ السلاطين للمفكر علي الوردي بقوله "الطغاة وجدوا في الواعظين خير معوان لهم على إلهاء رعاياهم وتخديرهم، فقد إنشغل الناس بوعظ بعضهم بعضا فنسوا بذلك ما حل بهم على أيدي الطغاة من ظلم؟". 

ويضيف الوردي "إنكم أذنبتم أمام الله فحق عليكم البلاء من عنده والواعظ بذلك يرفع مسؤولية الظلم الإجتماعي عن عاتق الظالمين فيضعها على عاتق المظلومين أنفسهم...فيأخذون بالإستغفار وطلب التوبة".


ورأيت في سوق البلدة القديمة في مدينة نابلس، لافتة كتب عليها الحديث النبوي عن صفات النساء اللواتي لا يشمون رائحة الجنه، ولكن أليس من الأجدر في هذا السياق وهو السوق والتعاملات التجارية، بوضع حديث نبوي عن الأمانة والتعاملات الأخلاقية بين التجار وغيره، لعل أحدهم لا يتلاعب في الميزان!.

يقول الفيلسوف المسلم  إبن رشد " التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل، إذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني". وقال الفيلسوف الألماني كارل ماركس "الدين أفيون الشعوب".

 أرى بأن الدين حين يمسك زمامه  من يلقبون أنفسهم "برجال الدين" وما هي غايتهم إلا إرضاء سلطانهم ومصالحهم، فهو من أكثر الوسائل التي تؤدي إلى إستحمار الشعوب وإستغفالها وإبطال تفكريها.

 سيقولون لك من أنت لتناقش "رجل دين"؟ بالرغم من أن الله عز وجل ذكر الكثير من الآيات في القرأن التي تحث على التدبر، التفكر، التعقل، التفقه، ولكن دعوة العديد من "رجال الدين"  لكل من يخالفهم الرأي بالردة، الجلد، والرجم والسحق أيضا، وإتهامهم بأنهم خالفوا الله عز وجل، حين اختلفوا مع السلطان أو الشيخ، تجعلنا مخدرين خائفين من التفكير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اكتشافات تل الفارعه..الكنعانيون هنا منذ الالاف السنين

اقتباسات من كتاب "التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الإنسان المقهور".