عزيزي المجهول..هل جربت!
بقلم: ديمة الحاج
يوسف
عزيزي المجهول هل جربت أن تستمع إلى ما أقوله ولو لمرة واحدة، دون أن
تحضر كلام في دماغك وأنا أتحدث! هل جربت أن لا تكرهني وتشيح بوجهك عني كلما
رأيتني، هل جربت أن لا تشتمني وتتهمني بما لست فيه لأني لا أشبهك!.
هل حاولت أن
تفكر وتشعر وتدرك ما تفوهت به قبل أن تجاوب بكل إندفاع وملحمية نحو فكرتك، هل فكرت
بأنك قد تكون مخطئ وبأننا لا نستطيع أن نكون على صواب طوال الوقت!.
هذا المجهول القابع في كل مكان، جعل الكثير يبرر القتل وكره الآخر
طالما هو لا يماثله بالأفكار، كل البشاعة التي نراها حولنا تتمثل بمحاولتنا
الدائمة في البحث عن الإختلافات التي بيننا وبين الطرف الآخر لنشعر بتفوقنا، دون محاولة
أن نبحث عن نقاط التشابه التي لا تنتهي، إن بحثنا عنها بصدق.
حوار الطرشان سيؤدي إلى مزيد من الألم والخسارة الدامية لجميع
الأطراف، لن ينتهي إن لم نكن على إستعداد بأن نستمع ونصغي للآخر ونحترم خصوصيته
ورأيه، دون أي محاولة لفرض آرائنا الشخصية، ببث التسلط الذي نقبع به عليه!.
لو تدرك يا عزيزي بأنك " حر ما لم تضر " إذن ليس من حق أحد فرض على الآخر كيف يتكلم ويرتدي ويفكر
ويشعر، فلتدرك بأن قلبك يخفق بالمقدار الذي يخفق فيه قلبي.
أعود وأسألك يا عزيزي هل جربت أن تمزق أوراقك القديمة وكل الصور التي
تعلقها كمحراب في غرفتك! هل جربت أن تغير القنوات الفضائية والجرائد التي تتباعها
يوميا! هل جربت أن تزيل الغبار عن عينيك وترى من جديد! 100 مليار خلية في دماغنا، لكن متى كانت آخر مرة
كنت مستعدا على تغيير فكرة لديك وإستقبال أفكار جديدة!.
هل جربت أن لا تتعصب لفكرة مهما كانت في نظرك نبيلة ومقدسة، هل جربت
أن تسأل نفسك، ما مصدر هذه الأفكار، هل نفضت عن نفسك كل الأفكار التي يراد بها
إتباع الأباء والأجداد دون تفكير، جرب ولو لمرة أن تقول لي كقول الفيلسوف الفرنسي
فولتير "أخالفك
في الرأي ولكنني أدافع عن حقك في إبداء الرأي".
عزيزي المجهول أطلب منك أن لا تصنفني ضمن أي فئة تخطر ببالك، ثم بكل وحشية تقوم بإقصائي! لا تقل عني وطنية أو
مندسة، مؤمنة، كافرة، متعلمة، جاهله...لا تسألني ما هو ديني أو مذهبي
أو إنتمائي السياسي.
حاول أن تتعامل معي كإنسانه لها ذاتها وكيانها ومن حقها
الوجود في الحياة، وليس من حقك أن تقتلني، أو تعتقلني، تضربني، تشتمني، لأني لا
أوافقك الرأي، فلا تضع اللجام على عقلك بذريعة أمن الدولة والمواطن والإستقرار، والعادادت
والتقاليد، وحتى الدين الذي يأمرك بالتفكر والتدبر والتفقه وأنت لا تريد سوى الرد
على تجار الدين لتنام وضميرك مرتاح على ما
صنعته يداك.
صورة تعبيرية
ذاك
الرقم الضائع من البشر، المفقود، الذي سقط عمدا عن نصه في الأوطان التي تصر على تحقيق أكبر قدر ممكن من الخسائر والمذابح حتى
تنبجح بهزائمها أمام التاريخ والأجيال، لمن تبقى الأوطان دون مواطنيها؟ فلنصغي لبعض ونتعاون يدا بيد قبل أن ننقرض جميعا.
في الختام أقتبس من
كتاب "التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان
المقهور"
للكاتب مصطفى حجازي بقوله “الذهن المتخلف
يعاني من قصور الفكر النقدي، إنه متحيز بشكل تلقائي نظرا لتدخل العوامل الإنفعالية
والعاطفية في أولية التفكير. وهو قطعي في تحيزه، فإما أن يكون مع أو ضد أمر ما.
ويكمل قائلا "ويبدو
قصور الفكر النقدي بالتالي من خلال العجز عن الجمع في سياق واحد بين الأوجه الموجبة
والأوجه السالبة لمسألة ما، بين المميزات والعيوب. فقط هذا الجمع يسمح بتلطيف الأحكام، وزيادة قدرتها التمييزية، وبالتالي زيادة فعاليتها من خلال التقدير الفعلي لوزن ومدى
الأوجه المختلفة للظاهرة."
تعليقات
إرسال تعليق