مطلوب مذيعة
إعلان:"مطلوب مذيعة تلفزيونية، حسنة المظهر، لديها قدرة على
الإلقاء، لا يشترط شهادة في الإعلام" لمن تتوفر لديه هذه الشروط عليه التواصل
معنا.
كلما أشاهد هؤلاء أهرع
إلى محرك البحث "جوجل" لأبحث عن الخلفية التعليمية لتلك المذيعه لأرى
بأنهن غير متعلمات في مجال الإعلام، فجمالهن الخارق يطغى على ثقافتهن السطحية
وسيتكفل فريق الإعداد بنقل الكلام والأسئلة إليها.
وهل هناك معايير محددة لمصطلح "حسنة المظهر" ليأخذ المرء إحتياطاته قبل التقدم إليهم، هل إبتسامتي هوليودية! هل المسافة بين فكي وفمي يناسب خبراء التجميل بشكل "مثالي"، هل علي الخضوع لعملية نفخ لشفتين لتصبح كالبالون قبل التقدم إليهم، هل الحجاب عائق أمام تلك القنوات؟ هل هناك شروط معينة في اللباس الائق بالنسبة إليهم!.
نسب البطالة المرتفعه بين خريجين الصحافه والإعلام، وفقدان المعايير لدراسة الطالب هذا المجال، يجعل من الأمر ربح تجاري للجامعات التي تلتزم بأسلوب إدفع تدرس، دون إختبارات ومؤهلات لقياس مدى كفاءة الطالب للإلتحاق بمجال الصحافة والإعلام.
ناهيك عن النظام التقليدي القاتل، الذي يتخذه عدد لا بأس به من الأساتذة والدكاترة كأسلوب لتدريس الصحافه، هناك الكثير يقول لك في المحاضرة إقرأ من السطر الأول للخامس فقط! والآخر يقول لك أبصم ما ورد دون مناقشه وتحليل وتفكير وإسقاط على أرض الواقع!.
أعتقد بأنهم سيتهمونني بالجنون إن أعلنت بأني سأصبح طبيبه إذا تدربت سنة في مستشفى! أو مهندسة! إذن لم الطب والهندسة علم قائم بحد ذاته، والإعلام لا يرونه علم مهم مرتبط بالكثير من العلوم، مثل علم الإجتماع، والنفس، السياسه، اللغة، الرياضة، الثقافة العامة، الإقتصاد وغيره.
كل تلك الإعلانات التي تشترط سنتين خبرة على الأقل، مع تجاهل تام ومجحف لحديثي التخرج، أدت مع غيرها من الأسباب إلى بلوغ نسبة البطالة في فلسطين لخريجي الصحافة والإعلام 38.5%، وفق لدراسة "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" لعام 2013.
أشار التقرير إلى ارتفاع معدل البطالة بين الإناث، الحاصلات على شهادات دبلوم أو بكالوريوس في الإعلام في عام 2012، في عمر 20-29 سنة، حيث وصلت النسبة إلى 81%.
كل تلك العقول والطاقات البشرية الجبارة تتعرض للإغتيال العقلي في كل يوم يجلسون في البيت، محبطين، عاجزين، يطرقون كل الأبواب، وتلك الأبواب تترنح بالشعارات الوطنية والثقافة وتبني الشباب، لتطرق بوجوههم كل الأبواب ومدافع التجاهل!.
لا تشعر أي من تلك المؤسسات بالمسؤولية الإجتماعية، مما يؤدي إلى إنحدار المعايير فقط من أجل تحقيق الربح وتغييب عقول المشاهدين، ولجوء الشباب إما إلى الهجرة، ليس كرها بالوطن، ولكن كيف ستخدم وطن وأنت لا تستطيع خدمة نفسك وخدمته وتطويره! أو العمل بمجال اخر غير مجال دراستهم، وخصوصا مندوب مبيعات وهي الوظيفة المتوفرة دائما!.
أصبح الممثل مقدم برامج، والمغني ممثل في السينما والتلفزيون، والإعلامي يجلس وينظر إليهم، وغالبية هذه البرامج تتضمن مقابلات "فنية"، وخصوصا الصحافة الصفراء، ونادرا ما تجد برامج ثقافية وإجتماعية، تحتوي معلومات تزيد من وعي المشاهد، وتساهم في مشاركته الفعالة في المجتمع.
في النهاية شهدت الصحف والقنوات والإذاعات تميز العديد من الصحافيين والإعلاميين ذوي الكفاءة العالية، الذين لم يتعلموا في مجال الصحافه والإعلام، ولكن أخذوا هذا العلم بمحمل الجد وبكل مهنية، وأشدد بأني لست ضد هؤلاء، بل ضد كل من يعتقد بأنه إن فشل في مجاله الدراسي، لن يجد سوى باب الصحافة يفتح له بابه.
وكل من يعتقد بأنه إن كتب خاطرة سيكون صحفي، وكل من له طلة جميلة فهو مذيع تلفزيوني، وكل من إمتلك صوت رخيم هو مذيع في الإذاعة، هو علم يشترط ويتطلب مؤهلات أكبر من هذا، هو علم يتحكم ويغير عقليات الكثير، هو السلطة التي تخشاها باقي السلطات إن تم تفعيلها كما يجب.
فلتتذكر المؤسسات الإعلامية التي تصر على سطحية مذيعاتهم وشكلهم الفاقع، بمساهمتهم في عالم مادي يصنع مسوخ تصطنع الأنوثة، وتغيب عن التأثير في العالم، بل هم من يتأثرون.
تعليقات
إرسال تعليق