هذا ليس من شرفك!
بقلم: ديمة الحاج يوسف
جميعنا نسمع بعض الشباب يرددون بعض الكلمات التي لا دين لها، مثلا "بعرض أختي، بشرف أمي"!! وغيرها من العبارات
التي تدل على شاب متمسك بالقبلية الجاهلية بالرغم من شعره المصفف، ولباسه
الذي يوحي لنا بالتحضر، وما أن يتحدث حتى يكاد أن يغشى عليك من هول ما
تسمعه ويفعله!.
ففي أوطاننا يتربى شبابنا المبجلين على أنهم بلا عيب أو
نقصان، وأن أخواتهم عورة تحتاج إلى سترة وغطاء خوفا من العار والفضيحة التي
ألصقت بها لأنها أنثى، تربوا على أنها ضلع مكسور، وناقصة عقل
ودين بلهاء عاطفية بكل سذاجة، لا تفقه شيء غير أن
تكون ربة منزل مطيعة تسمع الكلمة وتردد كالببغاء بأن اللبن أسود.
غرس في
عقليات الكثير منهم بأنها ضعيفة مستكينة تحتاج لأن تبقى تحت أجنحة الشرقي،
اعتقدوا بأنها شرفهم وعرضهم، لهذا إذا سألت شاب ما من شرفك؟ سيقولك لك
بعصبية (أختي وأمي وزوجتي الخ...) أما هو فليس
لديه شرف يحافظ عليه؛ لأن الأخطاء التي يرتكبها مجرد نزوة وهفوة بل لا
تكشف، فهي ليست عار يستدعي أن يغتسل منه!.
عقليتنا العربية سلطت ذكورنا
جلادين على فتيات الشرق لجعلهن جواري لشهواتهم ونزواتهم، وحين يملون
يريدونها الطاهرة العذراء! مفاهيم العربي لا تربط الشرف سوى بالجسد، أما
الوعد والعهد والحب والكلمة والمعاملة فهي ليست مدرجة ضمن قائمة الشرف لدى
صاحبنا العربي، الذي يزهد بالنهار ويزني في الليل، ليظنون "وأن بعض الظن
إثم" بأنهم خلفاء على أخواتهم وزوجاتهم يملون عليهن ما يفعلن، ومن حقهم أن
يقوموا بضربهن وزجرهن علهن يستقمن ويعتدلن على صراطهم المستقيم.
تقتل
الفتاة حين تغتصب لطهارة اسم العائلة، وتتزوج الفتاة قبل البلوغ لكي لا
تهوى ابن الجيران في مراهقتها، لكي لا تفكر أن تخطئ أو تحب، وستكون فرصة
سانحة ليقوم صاحبنا العربي بتربيتها على يديه يعجنها وينفخ بها كيفما شاء!.
وسينفر بعض شبابنا من الفتاة المثقفة ويسمونها بالقبيحة؛ لأنها ستجادلهم
ولن تسير خلفهم معصبة العينين، لهذا يكون اعتزال فتياتنا للثقافة وسيلتجئن
إلى دور التجميل والملابس؛ ليعرضن أنفسهن بأبهى حله أمام صاحبنا لعله يعجب
بهن، لإنها إن طال موعد زواجها ستبور وتهان وستصبح مثار لسخرية نساء الحي؛
لأنها بلا قيمة وظل متلاشي دون شمس صاحبنا الشرقي.
وستضرب وتحرق وتبكي دون
صوت كي لا يتهموها بالنشوز وعقوق زوجها.ولا تتوقف المعاناة هنا بل سيوبخها
أهلها إن حاولت اللجوء إليهم، وسيتهمونها بالتمرد على رب أسرتها وتاج
عرشها، وستبقى مصدر للوم والعتاب إن أنجبت فتيات ولم تنجب ولي العهد الذي
سيحمل على عاتقيه اسم العائلة، وستولول وتبكي كلما أنجبت فتاة وستدعي عليها
بالموت، علها ترتاح منها ومن نعيق من حولها لعل الذكر يأتي!.
وستصبر
وتحتسب إذا كان زوجها لا يستطيع الإنجاب، وسيحثون زوجها على الزواج إن
تأخرت أشهر في الإنجاب! ولا ننسى التهليل من أهل الشاب إذا أخبرهم بأنه
مغرم بفتاة ما، لتزغرد الوالدة ويوافق الأب؛ لأنهم عما قريب سيرون حفيدهم،
ولن تتجرأ فتاة ما أن تخبر ذويها بأنها معجبة وليست مغرمة حتى بشاب ما؛ كي
لا تكون قليلة الحياء والأدب وتحتاج إلى تهذيب من جديد وأنهم دللوها أكثر
مما ينبغي.
في شرقنا لا يفهمون كيف تنصف المرأة أو أنهم لا يريدون،
فالمتشددون يريدونها جارية لا تخرج من البيت خوفا من الفتنة التي سوف
تسببها لشباب أمتنا العظيمة، والمتحررون سيقومون بتسليعها بذريعة الحرية،
لتضحك وتمشي وتتجمل حسب ما يريدون، لتجد وظيفة بناء على جمالها المركب وليس
على مؤهلاتها، فهي بلهاء لا تستطيع توظيف شيء سوى جمالها؛ لتغري وتحقق
أكبر قدر ممكن من الانتصارات.
لا أقول للذين يتجرأون على إهانة المرأة، ليس
هذا من حقك فقط، بل هذا ليس من شرفك! دع شرفها هي أولى به، وصن شرفك قبل
أن تصاب بمرض يعريك، فأنتما عند الله سواء بحسناتكم وأخطائكم، وأبشركم بأن
شعوبنا إذا استمرت في التفكير بهذه الطريقة العقيمة، سوف تنقرض على بكرة
أبيها، فعقل المرأة إذا ذبل، ذبل عقل الأمة، لقد حذرت وأنتم وما تشاءون،
لأختتم بأن الثورة على النفس هي أصعب الثورات وأكثرها جدوى.
تعليقات
إرسال تعليق